الوجود و عدمه
احتار الفؤاد ... و اختل العقل
مكاني ليس هنا ... مكانك ليس معي
وجودي هو لنفسي ... و جودكم هو لكم
أعطيتك الحرية ... و أعطيني حريتي
ختمتك فانهار معاك حديثي
صعدت للسماء .. لأرى فرق النجوم عن القمر
تجولت في الفضاء ... لأقضي على نفسي
فنزلت الى الأرض فرحا ... ووضعت بيدك الشمس و القمر
فتصاعدت الأحزان بداخلي ... لأكسر قلبي
فما فائدة عملي ... فما فائدة رجائي ...؟
فما فائدة وجودي بوجودكم ... ؟
الإنسان يأخذ و يعطي ... و يخلص في عمله
لأن عليه رقيب لا تنام عينه
سبحانه تعالى ... فإنه يمهل ولا يهمل ...
فكم من بيت جمعته رحمة الإله ...
و كم من بيت حرمت عليه رحمة الإله ...
و كم من بيت ضاق بالأحزان فتهدم وزال عن الوجود ...
الفراق ... هو البعد ... ليس فقط بالوجود ... و إنما بالكرامة تعود
الإهانة تزول بزوالها ... و الكرامة لو فقدتها ... كفج بكارة العذراء ...
أي علم تملكون ...؟ ... أي قوانين تهتفون بها ...؟
الى أي مدى سوف تصمتون ...؟
الآ تعلمون بأنكم سوف تقضون ... في القبر تحترقون ...
هل تلبسون ثوب العبادة كما تشاؤون ..؟ ... و أي نوع هذا الثوب ...؟
مصالح أم مطالح أم عناقيب تستأجرون بها أنفسكم ...
تسكنون تحت راية الإسلام ... و الإسلام بريء من أعمالكم
تستطيعون تملكون عقول و قلوب الناس إليكم
وتخدعون الله سبحانه تعالى في عباداتكم
أعمالكم تأخذونها كعلم مظهري و ليس جوهري
و طريق العبادة الظاهرية المقلدة فهي عمل الشيطان الرجيم
و طريق العبادة الجوهرية الحتمية فهي لا محال أن تكون لوجه الباري عز وجل
فرأيتم التقليد الأعمى في عيون بعض الناس
و أصبحتم مثلهم و أكثر ...
فما فائدة وجودكم في الحياة ... ؟
فهل هي لله العزيز الجبار أم للشيطان الغوي الحفار ...؟
حاولوا أن تسألوا أنفسكم ... سؤالا واحدا فقط
وهو ... كيف تكون العبادة الجوهرية الخالصة في الإنسان ..؟
تجارب تمرون عليها ... و كثرة أخطائها ... لا تجدوا فرصة
لحلها ... و تتجاوزوا الأخطاء بالتصحيح كما هو المراد ...
و لكن الشيطان يعمي عقول و قلوب بعض الناس ليهوي بهم
في عذاب الدنيا و عذاب الآخرة
اصحوا من غفلتكم ... أصحوا من نومكم ... فما امامكم غير الخسران في الدارين
اخواني اخواتي المكرمين
و ضعت بين أيديكم هذه السطور
لأبيـّـن غفلة الإنسان عن الحق و اليقين به
الميزان في الإحترام
لا يخلو ميزان قيمة كل إنسان
إما أن يكون ماديا أو معنويا
فالماديا ::: لماا يملك من مال أو قرابة أو صحبة .
و المعنويا ::: لما يملك من طاقات علمية أو أعمال صالحة أو أخلاق حسنة
ومن بعض الناس يتبنى الماديا تأسيا بالجاهلية الأولى
ومن بعض الناس يتبنى المعنويا تمشيا مع فطرته و تحكيما لوجدانه
و تبعا لإسلامه
قال الله تعالى : { وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا
وقالوا أنى يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه
ولم يؤت سعة من المال ؟! قال : إن الله إصطفاء عليكم وزاده بسطة في العلم و الجسم
و الله يؤتي ملكه من يشاء } البقرة 247
فقدم قوم طالوت الميزان المادي و كثرة المال على الميزان المعنوي
و بهذا فإن قسم كبير من المجتمع يؤمن بهذه النظرية
يحترم الناس بقدر ما يملكون من مسؤوليات أو أموال
تاركا وراء ظهره أصحاب الثروة المعنوية
فأين أنتم من قوله سبحانه تعالى ::{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات 13
وما هذا التركيز إلا لخدمة المجتمع و تكامله تكاملا طبيعيا
الوجه في تقديم الأمور المعنوية على المادية عدة أمور و هي :::
1- أن العلم من القضائل النفسانية و الكمالات الحقيقية
أما المال فهو من الفضائل الجسمانية و المادية
2- أن الفضائل الجسمانية مسخرة للفضائل المعنوية النفسية
كالمال فإنه يبذل من أجل تحصيل العلم و العمل الصالح
و الأخلاق الحسنة دون العكس
قال أمير المؤمنين علبه السلام :::
{ العلم خير من المال , العلم يحرسك و انت تحرس المال }
من كتاب نهج البلاغة 147 : 496
3- أن الأمور المادية سريعة الزوال و الفناء
فما أسرع فناء الدنيا وما فيها .
أما الفضائل النفسية و المعنوية فلا سبيل للفتاء إليها
قال الله تعالى { و العمل الصالح يرفعه } فاطر 10
و قال عز إسمه { و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير املا }
الكهف 46
قال أمير المؤمنين عليه السلام :
{ هلك خزان الأموال وهم أحياء , و العلماء باقون ما بقي الدهر
أعيانهم مفقودة وامثالهم في القلوب موجودة } نهج البلاغة 496 الحكمة 147
4- إن الفضائل النفسانية أضبط الأشياء و أنفعها
لحفظ المصالح الإجتماعية و السياسية الفردية منها ام الجماعية
قال أمير المؤمنين عليه السلام :
{ معرفة العلم دين يدان به , به يكسب الإنسان الطاعة في حياته
و جميل الأحدوثة بعد وفاته و العلم حاكم و المال محكوم عليه } نهج البلاغة 496 الحكمة 147
5- إن العلم كمال حقيقي حاصل لذات الإنسان , ولا يمكن سلبه عنه
لأنه نور يقذف في الصدور لينير الدروب امام السائرين
أما المال فإنه إن لم يرجع الى الفضائل النفسية { أي استعماله في خدمة العلم و الدين }
فإنه ظلام يظلم القلوب و الدروب
6- إن العلم كفضيلة نفسانية تزداد بالنفقة
قال أمير المؤمنين عليه السلام :
{ العلم يزكو على الإنفاق , أما المال كفضيلة مادية فهو في نقص دائم }
وقال عليه السلام : { المال تنفقه النفقة } اذا لم يكن في سبيل الفضائل النفسية و الربانية
و لنا رجعة أخرى في موضوع آخر مشابه لهذا ...
و لكم مني ألف تحية و تقدير لا ينتهيان